Tuesday, February 14, 2006

تــراث

أحمل كتاب ..على الطريق.. حتى أتى الذي حملني عنه .. قلت له : عد أخطأت الإقالة
ليس هذا الطريق .. صامت مسرع الخطى .. أهملني في طريق آخر .. أخذ كتابي وولى هاربا !
مكان موحش .. يشبه الماضي .. انتظرت المارة .. وها هم يظهرون .. يجرفني حشدهم ..
إلى بداية الطريق .. وأنا في فزع الغارقين .. وصلنا حيث سيد قومهم .. يدعى تراث أجدادي
قال : ما بالكِ في الحاضر لا تستوعبين حياتك؟ .. فقط تنهلين من العلم متناسية من تكوني ..
أ نسيتي أنكِ ابنة الشرق في حصار العادات.. والروايات.. والسيدات الأربعة
؟ .. أنسيتِ أنكِ وريثة ثقافة البادية .. حيث الضمأ وأرض الكلأ.. وجمال امرأة تنجب الولد ..
تنتظر اشتداد ساعده ليكـون الأمل والسند؟
قفي هنا .. سرقناكِ إلى المـاضي ..نعيد وعيكِ ..نذكركِ فينا نحن .. هيا قومّي عودكِ ..
واتركِ العلم جانباَ .. وامتثلي لأقوال حكيمنا " شيخ القبيلة " ورأيه فيكِ :
" غصن طري يقوى عند العاصفة "..هيا بلا كسـل ..صه ! .. لا تتفوهي بكلمة واحدة .

بعد انتهاء الفرض .. وقفتُ جانب العزلة .. يقرر الحكيم سماعي ..:
على أي شيء تحكمون؟ .. أنسيتم أنكم لا تحملون بل تًحملون ؟ ..من قال أنني نسيتكم ؟
أنسيتم أن الزمن تكرار نفسه لا بأشخاصه بل بأحواله وظروفه ؟ .. الحاضر لم يخلو منكم
انظر كف والدي ..منقوش عليها .. خشونة الوقت .. انظر تجاعيد التعب على وجه والدتي
والآن انظر في حياتي .. ابنة شرقية صاحبة رؤية متحضرة .. هل يزعج تحضري ؟
أو أيقظ شغفي إلى التعلم منام جدتي .. ؟
يا شيخي .. آمنت بماضي صلب .. فلا حاجة لإخفائه أو إخافت الحاضر منه ..
ففي كل وقت أنتم تحضرون .. لا يغرك تغير السنة .. لأن الأصالة متوارثة ..
ونحن إنما نعيد صياغتها لتتناسب مع نمط حياتنا ..وهل تحسب الرحيل فقط على القوافل وفي الفيافي؟
نحن نرحل كل يوم .. على الأرض وفي أرواحنا . أراك مضطرب الفهم لآخر ما قلت .. ما قصدته
الرحيل بين الهموم والعسر وبين الفرحة والحزن .. تبدلت آمالنا بأخرى عقيمة .. وتجددت أنفاسنا
في مجرى الكبت التنفسي ..قبل اختطافكم لي .. هناك من سرق كتابي .. ما كنت أدون فيه
خطوط الطول والعرض لمشوار حياتي .. خطوط أرشدني إليها العلم الذي يؤدبني به ربي .
أتعلم اليوم رغم الانفتاح الكبير .. والتطور الهائل .. وأمواج المعرفة التي تكسر جهالة عقلنا.
واختلاط الشعوب بعضها البعض .. وعليكَ الأخذ يقينا بلا شك أو ريبة .. السوء الذي نجنيه
عندما تسوء النوايا .. و تستغل أمراض الغرب ضعف مناعتنا حيث هجومهم الفكري والتقني ..
من كل ذلك .. هناك الصامد .. الثابت على دينه .. القابض على جمرة ..الجاعلين علوم
التافهين موءودة في أرضهم العفنة .. كما كنتم يا شيخي الكريم .. تحاربون الغزاة بسيوفكم
تحت راية الإسلام .. وشجاعة فرسانكم ... نحن نواجه الغزاة يوميا .. حتى في منامنا .. وتقول لي
عودي إلى ماضيكِ ..اترك العلم جانبا ... قلت رأيك فيني .." غصن طري يقوى عند العاصفة "
هذه حقيقة أغلب بنات جيلي .. نحافظ قدر ما نستطيع على أنفسنا .. وما سلاحنا إلا العلم ..
لم يلم جدتي به شغفا أو حبا .. لأنها آمنة في زمانها .. وفي رسالتها التي حملتها إياها والدتها .. أما
نحن حملنا الرسالة ووجدنا غير أمن في وقتنا .. فـ وقفنا نطلب العلم ونُعلِّم ونتعلم .. كي نستر به
عورات مستقبلنا ..خصوصا بعد سماعنا عن تدهور الأخلاق والبعد عن الدين هي من أهداف أعدائنا.
يا شيخي .. الحديث طويل .. وأرهقتني فوق تعبي .. فكم مرة تمنيت مقابلتك .. أشكيك
عادات موروثة .. قتلتنا .. واستباحت أحلامنا فقط لأنها عادات .. فـ دعني أقف هنا
بعد رؤيتي لكِ تحاول اخفاء وجهك عني بعد آخر جملتين .. وبعد هز فنجان القهوة..أرغب
بالعودة حيث الطريق الأول, أبحث عن سارق كتابي..

2 comments:

Barlamany said...

روميه


والله ..ثم والله ...ثم والله

الــــلــــــــــــه ........عليــــك

عجيب هذا االنص فكرةً و مضموناً



الغريب اني لم أجد أي تعليق عليه .. فخرجت من صمتي ..


تحياتي

Romia Fahed said...

برلماني الموضوع للقراءة فقط فقد كتبته في الركن الهادئ لأحد المنتديات

إنتْ رديت؟

عيل كافي : ))

دمتَ لمن تحب

روميه