Saturday, February 11, 2017

لا أتنفس جيدًا


كتاب على آخر الرف ، مركونٌ بعيدًا عن "شهرة" الكتب الأخرى، غلافه أنثى بالأبيض والأزرق، يضم فصولًا كثيرة، يشدّ أسلوبه على "الطهر" وممرات زمن ضيقة ، وشهادة شخصيتين من النساء كلاهما مكملة للأخرى.

الكتاب يجذب فئة معينة متلهفة لاقتناءه والبقية من الناس معصوبة أعينهم عنه، حدث وأن تقدّمتَ إليه، رفعته عن الرف نحو  صدرك، قريبًا إلى قلبك، أغمضت عينيك وسمحتَ لبياضه بالنفاذ إلى قلبك، حملتُه بشغف القراءة والاحتواء، جلستَ على طاولة "الزمن" وبدأت القراءة.

جاء الفصل الأول ورديًا، ممزوجًا برياحين الجنة، تلمست أوراقه، شغفت بقراءة أوراقه اليوم كله، وتوالت الأيام وقلبك بين صفحاته "يغرّد" ، لتصل إلى الفصل الثاني وهو فصل مسموع، تنصت فيه إلى الأنثى التي شقّت الظلام بنور طهرها، والتهمت ضعفها كي تظفر بهدنة مع حياتها، الأنثى المختبئة عن العالم بغلاف كتاب وأوراق مرمية هنا وهناك.

تقربت منها بشروطك، وأبت هي القرب إلا بشرطها الوحيد والذي أسرّته في نفسها ألا وهو "اكتشافك" ، في الغالب نحن نقف على الحياد في علاقاتنا مع الآخر، نحاول رسم صورة واضحة حقيقية وذلك يحدث بسقوط أقنعتنا والتجرد من "الأمس" و "الصورة الرسمية" فتبصر قلوبنا الواقع وتتحضّر له.

أمّا وقد رأيتها واضحة جلية، أنثى تضرب الأرض بـ "قلبها" كي تنبت "حبًا" يعينها على الحياة، نعم هي متخبطة، واهمة، تطاردها أفكار "البعد" و"الغياب" و"الفراق" و"الخيبة" ولا تلام في ذلك، فـ خذلان الأنثى الكبير وانكسارها ما يتمّ على يد والدها.

أعود إليك، وقراءتك لهذا الفصل، وانتقالك للفصل الثالث ببرود ، والمسافة التي شرعت في مدها مرات ومرات، وفي كل مرة يقلب الكتاب نفسه إلى صفحات من الفصل الأول، كي تشم عطرًا من جمال القلب وتسكن وتكمل القراءة ...... وفعلت.

هذه المرة وضعتَ مسافة "جليدية" أصابت أنثاك بالتجمد وجعلت الكتاب يغلق نفسه مستسلمًا لمصيره كيفما جاء، تمزيقًا أو حرقًا ، لا يهم، بالأخير هو كتاب كان يتكئ على الرف بصمت،
أمّا أنثاك فتجمدها إما يذيبه قربك أو يكسرها معه بُعدك، وفي كلا الحالتين لا يحق لها الاعتراض، هي تعلم جيدًا أن تجعّد قلبها بفعل "صراعها" مع الظروف السيئة، وما زحف على وجهها من حزن كان جراء "خيبة" لم تملك قوة في صدّها.

إذا اخترت "القرب" ، عليك الصبر كثيرًا على صمتها، تجاهلها لك، تعطل قلبها عن النبض، تواصلها الشحيح، فقط واصل أنت القرب والكلام، وامسح قدر الإمكان على قلبها، كي يذوب هو أولًا.

وفي حال اختيارك "البعد"، استمر في ما أنتَ عليه الآن إلى أن يجيء اليوم الذي تصبح فيه وتجدها متكسرة والكتاب قد اختفى من الوجود.


نقطة ضوء:
ركضك جهة الغياب يتعب القلب الذي انطلقت منه، وكلما زادت المسافة كلما اختنقت الحياة فيه إلى أن يموت.


0 comments: