Friday, February 08, 2013

أفنان - يوم الجمعة



يوم الجمعة هو يوم مخصص لي ، أتفقد أغراضي وأسجل حاجاتي الناقصة من السوق أو الجمعية أو أي شيء آخر ينقصني إضافة إلى التنظيف الشامل للغرفة وغسيل الملابس وكيها ثم ترتيبها في الخزانة ( لا أسمح للخادمة بدخول الغرفة أو الاقتراب من حاجاتي الخاصة) وذلك كله كي لا أتعطل خلال الأسبوع القادم وأتفرغ فقط للعمل والأنشطة الأخرى.
وأنا في الجمعية تحديدا في قسم التجميل، اقتربت مني سيدة يبدو أنها في أواخر الثلاثينات ذات وجه متعب ومرهق ودار بيننا الحوار التالي:
روميه ؟
نعم أختي ، آمري
ألم تعرفيني؟
حاولتُ استرجاع شيء في الذاكرة عنها فلم تسعفني ملامحها : أبدًا، لم أذكر هذه الملامح الطيبة.
لم تتغيري ، بلباقتك وكلامك الطيب ، وأيضا شكلك لم يتغير منذ 12 سنة ، أنا أفنان صديقتك في الثانوية.

فاصل ...

 
ويكيديا : أفنان:
طالبة فاشلة دراسيًا و مبالغة في الاهتمام بشكلها وقوامها إضافة أنها حالمة جدًا، تقرأ لنزار قباني وتقع في حب كلماته وهي ترى الرجال كلهم نزار لذا استقرت في ذهنها فكرة الزواج مبكرًا حيث الغزل والعذوبة والرومانسية المفرطة في حياتها
كنا نجلس في الفرصة المدرسية وأنا منهمكة في التحضير لمادة ما إضافة إلى تناول طعام خفيف وهي تضم يداها إلى صدرها و تحدثني عن الحب العفيف والفارس الذي سينقلها بمواصفات فاتنة ودقيقة : حنطاوي طويل رومانسي ..الخ
ثم تغرق في قصيدة حفظتها عن قلب لنزار لأقاطعها دائما بجملة :" الحين لو حافظه قصيدة العربي مو أحسن من هالحجي الماصخ! ) فأقرر الذهاب إلى الفصل وهي تتبعني وتكمل حديثها وأحلامها الوردية .
أفنان جميلة ، تأتيها رسائل إعجاب من البنات مع باقات ورد ويطلبن استشاراتها أيضا في ما يخص البشرة ومستحضرات التجميل وغيرها ....
أفنان طيبة وقلبها أبيض، ولا تجد الحماية والإصغاء دون سخرية جارحة إلا معي فالغيورات منها يتلذذن في مضايقتها، وبحكم كوني الطالبة المحبوبة للإدارة وبين المدرسات لا يستطعن السخرية أو مضايقتها وهي معي ،
وأنا أحبها ولكن لا أحب حديثها لذا و ببساطة وتحديدًا في فترات الاختبارات أفعّل خاصية ( الإذن الصمخة) فهي تتحدث وأنا غارقة في المراجعة للاختبار.
وفي يوم زفت إلي خبر خطبتها وأنها ستتزوج بعد الثانوية العامة مباشرة ولولا إصرار والدتها على إكمال الدراسة الثانوية لتزوجت منذ المرحلة المتوسطة !!!
تزوجت أفنان وانقطعت أخبارها وبعبارة أدق ، انتقلنا إلى بيت آخر، وضاعت مفكرة الأرقام المنزلية لصديقاتي ،
واعتمدت على الصدفة في اللقاء بهن.


عدنا

أفنااااااان ، يا حالمة يا جميلة ، لم أعرفك ، لقد تغيرتِ كثيرًا، اعتقدت أنّك في أواخر الثلاثينات ..أين قوامك الممشوق أين وجه اللؤلؤ المتألق أين ..
أفنان لا يهم كل هذا ... كيف حالك؟

ابتسمت بحزن وقالت:
روميه، لو سمح الله لنا العودة إلى الوراء لما تزوجت أو حلمت لبقيت معكِ أنافسكِ في العلم..
أفنان ماذا بكِ؟
الزواج ليس كما تصورت والزوج ليس كما حلمتُ بل هو صورة مختلفة تماما ، زوجي يكره الشعر لا يعرف الغزل يطلبني للنوم والأكل وتربية الأطفال فقط ، لا شي من الحلم الوردي طرز حياتي معه ، لا كلمة من كلمات نزار غرست ورودا من العشق بيننا ، لا شيء روميه ، نسيتُني في الطاعة له وتنفيذ أوامره وبخشونة معاملته وتربية بناته5 ، وجدتني أذبل يومًا بعد يوم ، لا هدايا لا مفاجآت لا كلمات تداعب قلبي ، روميه ماتت أحلامي مبكرًا وأجهضت مشاعري مباشرة بعد زواجي ، انظري في كل مرة أدخل قسم التجميل لا أشتري شيئا ، أدخله لأقنع نفسي أنني أنثى أو ربما لأتذكر كم كنتُ في وقت مضى من زبائنه ..... هو لا يهتم ، حاولتُ شراء عطر جديد ومستحضرات تجميل لأحفز قلبه على الإطراء ولو بكلمة واحدة كـ أنتِ جميلة أو مبهرة وعلى العكس نصحني بعدم إسراف المال بمثل هذه التفاهات.
أرأيتِ كم أنا أنانية معكِ الصفة الوحيدة التي لم تتغير لطالما كنتُ أتحدث عن نفسي وأنتِ منصته أخبريني عنكِ؟
أولاً أعترف أنني سابقا لم أنصت لأحلامك لكنني اليوم أنصتُ بكل جوارحي لكِ
ثانيًا أنا تغيرت على عكس ما قلته في البداية ، لقد تغير هذا ( أشير إلى رأسي) وهذا ( قلبي) وهذا ( صدري)
غير مهم الحديث عن حياتي ....عليكِ الاهتمام بنفسك لأجلكِ أنتِ ولو ليوم واحد .. أخرجي جميلة إلى حياتكِ كما تريدين لا كما يريد هو ... تعالي ....

أخذتها من يدها وذهبتُ إلى خبيرة التجميل وطلبتُ أن تظهر خبرتها التجميلية على وجه أفنان مع توفير جميع مستحضرات العناية بالبشرة ....كانت أفنان مستسلمة لي ... تنظر إلي بنظرات لن أنساها أبدًا وأنا أبتسم لها قائلة:
أفنان والله للحين حلوة ... : )